يجب على كل مواطن صالح أن يرى نفسه راكباً في سفينة الوطن وأن أي خرق في جدار هذه السفينة سيؤدي إلى غرقه هو أولاً قبل غرق السفينة.
توصلنا في مقال سابق إلى أن المواطنة لا تعني بالضرورة حقيقة الانتماء إلى وطن ما، كما أنها لا تعني حب الانتماء إلى وطن ما فحسب ولكنها أبعد عمقاً من ذلك ، فهي تعني قيام علاقة بين كل فرد من أفراد المجتمع وبين الوطن الذي يعيش فيه هذه العلاقة تكون ركيزتها تمتع هذا الفرد بحقوق معينة يكفلها له الوطن، وقيامه في ذات الوقت بواجبات معينة لخدمة هذا الوطن.
ومن الثابت لدى المهتمين ان هذه العلاقة قابلة للتنمية ، حيث ان هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى تنمية روح المواطنة لدى الأفراد، وسأجمل بعض هذه العوامل على النحو التالي:
“الأول”: احترام مؤسسات الدولة ومنها على سبيل المثال الجيش والشرطة والنظام القضائي، فاحترام هذه المؤسسات واحترام دورها المنوط بها والتعاون معها في أداء واجبها يعني احترام الوطن ككل ، ومن هنا يجب على كل مواطن صالح أن يرى نفسه راكباً في سفينة الوطن وأن أي خرق في جدار هذه السفينة سيؤدي إلى غرقه هو أولاً قبل غرق السفينة. وكما قال صلى الله عليه وسلم: (إن هم أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً وإن هم تركوهم هلكوا وهلكوا جميعاً).
“الثاني”: تساوي جميع المواطنين أمام القانون ، وهذا من شأنه يعمق الشعور بالوطنية، ففي الإسلام أساس التمايز بين المواطنين هو التقوى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، والتقوى وبلا شك تشمل الحفاظ على الوطن، ومن هنا لم يعد في الإسلام دور للعرقيات أو الطبقات الاقتصادية كمحددات لمكانة الأفراد، “فبلال الحبشي” أفضل من” أبي جهل” .
“الثالث”: الانخراط في العمل الاجتماعي والتطوعي حيث إن مثل هذه الأعمال التي يقوم بها الشخص دون مقابل مادي تنمي روح الجماعة وبالتالي روح المواطنة.
“الرابع”: الاعتزاز بالهوية الوطنية، ومن مظاهر ذلك الفرحة بنصر اكتوبر وثورات الشعب ضد الفساد والاعياد الدينيه .
“الخامس”: نشر ثقافة المواطنة بين جميع أفراد الشعب على اختلاف فئاتهم العمرية ومستوياتهم الثقافية ، فإذا علمنا بأن المواطنة عملية تراكمية تبدأ من سن “الثالثة” أو “الرابعة” ، علمنا بأن الأسرة يقع عليها أول الواجبات لتنمية مثل هذا الشعور، فعن طريق حث الأطفال على الحفاظ على الممتلكات العامة بذلك نستطيع أن نضع أول لبنة في مشروع مواطن صالح.