موت بلا رحمة
في تحقيقات وحوارات
607 زيارة
بقلم السيد سرور
الموت كلمة نرددها بيننا جميعاً فهو يسكن كل بيت في العالم ولكن خسران ما لقب بهذه الكلمة دون رحمة .
بات الأب والأم يحلمون أحلاماً كثيرة ، ويفكرون متى ستأتي أولادنا في هذه الدنيا ، باتوا يرسمون أحلاماً وأمالاً نحو مستقبلهم قبل أن يأتوا إلى الحياة .
تذهب الأم لتشتري الكثير من الأغراض لطفلها الذي لم يأتي بعد ، وظل الأب ينتظر الكلمة التي سيلقب بها ، كي يتذوق طعم الأبوة ، ينتظرون في سعادة غامرة يتخيلون شكله وحجمه ويرسمون أوصافه بكل حب وإشتياق .
وعندما تتألم الأم وتمرض بسبب حملها لا تشعر بالألم بقدر شعورها وإحساسها بالسعادة والفرح بطفلها التي تنتظره ، والأب لا يعرف الراحة بل أكثر ما يعرفه ويجب أن يفعله هو كيفية تجهيز كل المستلزمات اللازمة والتي تحتاجها الأم من أدوية قد لا يكون معه ثمنها وغيرها من أشياء كثيرة تحتاجها لكي يأتي الإبن إلى الحياة ، ويفعل الأب كل ذلك وسط سعادة وإشتياق بطفلة .
وبعد أن يأتي الطفل إلى الحياة تأتي معه سعادة من الأبوين وكثير من الأهل والأصدقاء ، اللذان يعملان سوياً نحو تحقيق أفضل مستقبل له ، قد يمرض أحدهم ولا يتألم لكي يدخر كل ماله وجهده وصحته لابنهم أو إبنتهم فكل ما يتمنوه في الحياة هو أفضل مستقبل لهم .
يعملان سوياً في الحياة لتوفير المال والعمل على تربية صالحة وبعد أن يكبر ينظران بكل فخر وحب إلى الشجرة التي سعوا جيداً بأنها تكون مثمرة وتطرح ثمارها نحو بناء مستقبلها والعمل على راحتها ، ولعل لا ينتظر الأبوين كلمة شكر منهم ولكن ينتظروا مستقبلهم الباهر وحياة زوجية سعيدة باتوا يحلمون ويخططون لها جيداً .
وهنا رد الجميل من البنت او الإبن كان ، ينظر الأب في عين ابنه ليلاً ويتأمل فيه بكل حب ، والأم تتكلم عنه بكل اشتياق كأنه كان في سفر دام لسنوات ، ولا يعلمون أنه يخطط لسفرا يدوم مدى الحياة .
ينصرف كل منهما إلى نومه وينصرف الإبن بعدها إلى مخططه وتفكيره الشيطاني ، الإنتحار ، نعم الإنتحار ولا يفكرو في يوم بل للحظة واحدة أنه قبل أن ينهي أحدهم حياته فهو ينهي حياة أبويه يحطم كل أحلامهم يكسر ويخيب كل آمالهم ، ولا يفكر فى قلوبهم التي ستنزف دماً عليه قد يكون وفاة أحدهم بسبب الصدمة التي ستأتي كالصاعقة على قلوبهم قبل أسماعهم .
قد ينتحر الإبن بسبب حبه لفتاة ولا يعلم هذا الجاهل مدى حب والديه له ، وقد تنتحر البنت لهذا السبب ولا تعلم أن ما فعلته هي مصيبة أكبر من شاب لا قيمة له في الحياة فغيرها سوف يأخذ مكانها ولكن من سيأخذ مكانك بين أحضان أبويك ، فأين الرحمة هنا بمن باتوا يحلمون في كيفية تحقيق السعادة لأبنائهم .
وقد ينتحروا لأسباب أخرى كثيرة كالتعليم وتأثير المخدرات وغيرها من أمور كثيرة ولا يعلم مدى العواقب التي يواجها بعد الانتحار .
هل فكر المنتحر في لقاء ربه ؟ وماذا سيقول له ! سيقول أتيت إليك بسبب الدنيا ولذاتها وشهواتها ، أو بسبب ما فعلته من ضرر لأحبتي ومن سهروا دوماً في تربيتي وسعوا جاهدين للحفاظ على مستقبلي ، وبعد أن كانوا يفتخرون بي ومستقبلي حطمت كل شئ بل جعلتهم ينكثون رؤسهم في الأرض خذلان من الآخرين وتنمر الكثير من البشر عليهم .
هل فعل هذا لسوء التربية أو فعل هذا بسبب ضغط من أحدهم عليه ، أو فعل هذا بناء على رغبتهم ، تلك هي الافكار الشيطانية التي تدور في أذهان وعقول الكثير من الذئاب البشرية فلا يعلمون أن شجرتهم التي ظلوا جاهدين نحو الحفاظ عليها وأن تكون مثمرة بالخير سقطت عليهم بموت بلا رحمة لها ولهم .
فالأمر ليس بالإنتحار فحسب فلو فكر أحدهم كثيراً وتأمل قليلاً في عظمة الأبوين ومدى حبهم لأبنائهم لصمتوا وباتوا يحلمون كثيراً في كيفية تحقيق السعادة لهم بدلاً من موت بلا شفقة ولا رحمة عليهم ، فحقهم ورد الجميل لهم هو كيف اصنع المستحيل نحو سعادتهم .
2021-05-10