porno.com
الرئيسية » تحقيقات وحوارات » أول سحور لي في القاهرة

أول سحور لي في القاهرة

#الدولة_الآن

       بقلم:أحمد العش.

(إلى والدي العزيز، دقيقة من وقتي أدركت فيها مدى السوء الذي أنا عليه، دقيقة من وقتي أدركت فيها مدى قسوتي وعقوقي، لله الأمر من قبل ومن بعد، أعلم أن بُعدي عنكم أنانية مني، ولكني والله ما تغربت إلا لأرفع اسمك عالياً في السماء، ويشار إليَّ بالبنان، وأُعلن للعالم أنك والدي الذي نشأت في كنفه، وكبرت في خيره وجئت من صلبه، ما بعدت عنكم إلا لأكون فخراً وزخراً وقرة لعينيك “أبي”، أعلم أنك لن تشاهد هذه الكلمات ولن تقرأها، لكن نشرتها لأقيم الحجة على نفسي بأني عاق، وأسأل من يشاهدها الدعاء لي بالعفو والعافية وأسأل الله فيها السماح، أحبك يا نبض قلبي، أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه وكل أسرتي).

بتلك الكلمات ودعت مكالمة “أبي” في أولى ليالي الشهر الكريم وقُبيل ساعة السَحَرْ، بتلك الكلمات غردت على صفحتي الشخصية عبر تطبيق (الفيس بوك) وقلبي يعتصر ألماً لكوني أقضي هذه الليلة المباركة وحدي في غرفتي بالمدينة الجامعية الخاصة بطلاب جامعة الأزهر الشريف، كيف لا وأهلي ليسوا حولي وطعامي لا يشاركني فيه إلا معدتي وفمي، تذكرت عندها قول عنترة بن شداد حين قال (لا تسقني ماء الحياة بذلة بل اسقني بالعز كأس الحنظل، ماء الحياة بذلة كجهنم وجهنم بالعز أطيب منزل)، رغم طِيب الطعام إلا أنني كنت في موضع ذلة، نعم لقد كان موضع ذلة، كيف أعز وأنا بعيد عن من بهم أعتز؟؟! … كيف؟؟!

لم يدم حزني طويلاً فبينما أنا جالس أنعي نفسي بتلك الكلمات، وجدت غرفتي قد ازدحمت وازدخمت بالأصدقاء والذي بدورهم استشعروا صرخاتي وتوجعي عبر منشوري على (فيس بوك) الذي سرعان ما استجابوا له، في تلك اللحظة شعرت وكأني في بيتي، وكأن النعيم من حولي ورحمات الله تتنزل علينا وتبارك مجلسنا، المجلس الذي لطالما كان ولازال يخفف عني وعن غيري من الطلاب المغتربين آلام ومصاعب “الغربة”، والتي هي أشبه بخروج الروح من الجسد، تلك الجلسة قد استوقفتني جداً عند نقطتين في غاية الأهمية.

“الأولى” : أن الدنيا لازالت بخير وأن من عباد الله ما لازال يشعر بعباد الله لمجرد قراءة كلمة كتبها فقط، و
ليس هذا وحسب بل يقف بجواره حتى يزول همه وينفرج كربه، الأمر الذي رفع من معنوياتي وأعطاني أملاً بأن تلك الأمة في رباط إلى يوم القيامة، وأن رايتنا لن تنكسر رغم الضعف والهوان الذي آلت إليه الأمة بعد عزها ومجدها، الذي أصبحت على يقين بأنه لن يطول غيابه لأنه وكما قال “أبو القاسم الشابي” الشاعر التونسي الحر (إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر) حتماً سيأتي اليوم الذي ترفع فيه رايتنا من جديد طالما كنا سنداً لبعضنا البعض، وكما قال عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا) .

أما عن “الثانية” التي استوقفتني وجعلتني أتأمل مدى تأثيرها وقوتها في مجتمعنا اليوم هي ( تأثير الكلمة المكتوبة على مواقع التواصل الإجتماعي)، تلك الكلمة التي كتبتها دون أن ألقي لها بالاً، كانت أحد أسباب علاج مشكلتي التي كنت أعاني منها، أخذت أتأمل كيف لذلك المجتمع الإفتراضي أن يكون بهذه القوة والتأثير؟؟! الأمر الذي جعلني أستشعر خطراً لربما غفل عنه الجميع، قلت في نفسي؛ هذا ما فعله أصدقائك عندما شاهدوا تلك الكلمات التي نشرتها عبر صفحتك الشخصية، ماذا سيصنع أعدائك وكارهي الخير لك عند رؤيتها؟؟!

بعد سويعات من التفكير والتمحيص أدركت فعلاً وبالبرهان مدى خطورة تلك المواقع وأهميتها في نفس ذات الوقت، إن تلك المواقع أصبحت ملمة بشكل من الأشكال بجميع جوانب حياتنا اليومية، والتي نشارك عليها بحسن نية أدق تفاصيل يومنا، حتى أصبح مُلاك وأصحاب هذه المواقع يعرفون عنا كل شيء، أما نحن فعلى النقيض تماماً، نجهل عنهم كل شيء وهذا أمر لو تعلمون عظيم، في هذا الزمن التي أصبحت المعلومة فيه هي أخطر سلاح من الممكن أن تصوبه نحو أحدهم ، سلاح ذو حدين بإمكانه أن يبني وبسهولة يهدم.

علينا جميعاً أن ندرك مدى خطورة تلك المواقع والتي باتت تؤثر علينا بشكل من الأشكال، فإدمان السوشيال ميديا هو إدمان العصر الحديث، تلك المواقع تفعل مثلما فعل أصدقائي؛ تحلل المنشورات التي يقوم الشخص بنشرها، حتى أبسط وأتفه وأدق التفاصيل والتعليقات تهتم تلك المواقع بها، مما يساعدها على معرفة أشياء عنك لربما أنت لا تعرفها عن نفسك، لذا يجب علينا الإنتباه لمثل هذه المواقع، والحرص على عدم كشف هوياتنا الكاملة أمامهم، وتقليل استخدام هذه المواقع وخصوصاً أيام الصيام، لأنهم يتعمدون بشكل من الأشكال نشر أشياء تفسد على روادها هذا الصيام وتستدرجك بصورة غير مباشرة إلى أن تقع في المحظور.

الكثير من التجارب التي سمعتها من أصدقاء لي ومن العديد من رواد ومستخدمي تلك المواقع ، والكثير من التجارب الشخصية أثبتت لي صحة هذا الكلام، لذا يجب توخي الحذر من هذه المواقع وتوعية كل من نعرفهم من مخاطرها، ومن الممكن عقد ندوات ودورات تثقيفية لتوعية المواطنين ورواد تلك المواقع من هذه النقطة الخطيرة والتي قد لا ينتبه إليها إلا من يدرك خطورتها، ويجب حث الأفراد المشاركين في تلك الندوات والدورات على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بالصورة المُثلى، والتي لا تؤثر بالسلب على حياتهم، وتفسد عليهم صيامهم وأعمالهم وحتى لا تضيع القيم وتهدم الأمم.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“مدبولي يلتقي بوفد شركة “فورتيسكيو” ويتابع الاتفاقيات في مجال الهيديوجين الأخضر

#الدولة_الآن تقرير: سلمى يوسف التقى الدكتور “مصطفى مدبولي” رئيس مجلس الوزراء، اليوم بوفد شركة “فورتيسكيو” ...

youporn