porno.com
الرئيسية » تحقيقات وحوارات » طبيب الغلابة

طبيب الغلابة

#الدولة_الآن

تقرير ايه صلاح
ولد الدكتور “محمد مشالي” في محافظة البحيرة في عام “١٩٤٤” لأب يعمل مدرسًا، وانتقل بعدها والده إلى محافظة الغربية وانتقل معه، واستقر مع أسرته هناك، وتخرج في كلية طب القصر العيني في القاهرة “خمسه” يونيو “١٩٦٧”، وتخصص في الأمراض الباطنة وطب الأطفال والحُمَيات، ليعمل في عدد من المراكز والوحدات الطبية بالأرياف التابعة لوزارة الصحة المصرية في محافظات مختلفة، وفي عام “١٩٧٥” افتتح عيادته الخاصة في طنطا، وتكفل برعاية إخوته وأبناء أخيه الذي توفي مبكرا وتركهم له، ولذلك تأخر في الزواج، ولديه “ثلاثة” أولاد تخرجوا جميعًا في كلية الهندسة، وظل لسنوات طويلة محددًا قيمة كشفه الطبي في عيادته لا تزيد عن “خمسه” جنيهات مصرية، وزادت أخيرًا لتصل إلى “١٠” جنيهات، وكثيرًا ما يرفض تقاضي قيمة الكشف من المرضى الفقراء، بل ويشتري لهم العلاج في كثير من الأحيان.
وقد وصي الحاج” عبد الغفار مشالي” وهو على فراش الموت لنجله الطبيب الشاب” محمد “ووصيته له بخدمة الفقراء وعلاجهم بدون مقابل مراعاة لظروفهم، عاد الطبيب الابن وأوصى بنفس الوصية للأطباء الشباب قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة فجر اليوم الثلاثاء، ولم تكن حياة الطبيب الراحل” محمد مشالي” المعروف في مصر ب (طبيب الغلابة) معروفة بالنسبة لكثيرين، كان طبيبا يمارس عمله في ريف مصر، ويعالج الفقراء، من خلال عيادة صغيرة في طنطا وبأجر رمزي “١٠” جنيهات، حتى سلطت وسائل الإعلام الضوء على قصته قبل سنوات قليلة، وكأن القدر أراد أن يكافئه ويخلد سيرته قبل نهاية حياته وبعدها.
بعد أن بلغ الطبيب الراحل من الكبر عتيا وتجاوز ال “٧٠”، قفزت قصته للأضواء، وعرفه المصريون، وتفاعلوا معه، وتسابقت وسائل الإعلام في استضافته، ونال تكريما واسعا من بعض الجهات والمنظمات، لكن ذلك لم يثنه عن مواصلة دوره في خدمة وعلاج الفقراء تلبية لوصية والده الراحل، وإكمالا لمسيرة بدأها قبل أكثر من “٤٠” عاما، وبدأت بواقعة مؤثرة وإنسانية غيرت مسار حياته.
في إحدى مقابلاته مع وسائل إعلام مصرية، روى الطبيب الراحل الواقعة، وقال باكيا حين تذكرها إنه تم تعيينه في إحدى الوحدات الصحية بمنطقة فقيرة، وذهب لعلاج طفل صغير مريض بالسكري يبكي من الألم ويقول لوالدته أعطني حقنة الإنسولين، فردت أم الطفل قائلة إنها لو اشترت حقنة الإنسولين فلن تستطيع شراء الطعام لباقي إخوته، ليسارع بعدها الطفل ويصعد إلى سطح المنزل ويشعل النار في نفسه، وحاول الطبيب الراحل إنقاذه فلم يتمكن وقال الطفل آخر كلماته موجها حديثه لأمه (فعلت ذلك من أجل توفير ثمن الإنسولين لإخوتي)،ويقول الطبيب الراحل إنه منذ تلك الواقعة قرر أن يهب نفسه لخدمة الفقراء وعلاجهم، مضيفا أنه من أسرة فقيرة ومتواضعة، ونظرا لما عاناه وأشقاؤه فهذا ما جعله يشعر بمعاناة الفقراء.
قال الطبيب الراحل في مقابلة أخرى إن الفقراء كانوا يصابون بأمراض مرتبطة بالفقر وبعملهم في الزراعة مثل ( البلهارسيا _ الإنكلستوما _الإميبا)، وكانوا لا يملكون ثمن الكشف عند الأطباء فتطوع لعلاجهم من هذه الأمراض، كما تخصص في أمراض الأطفال بعد واقعة الطفل الصغير، ناصحا الأطباء الشباب بخدمة الفقراء وعلاجهم قائلا لهم أوصيكم بالفقراء خيرا، وكانت هذه آخر وصاياه، حسب ما صرح نجله “وليد مشالي”،ويقول الطبيب الراحل إن أساتذته في كلية الطب بالقصر العيني كانوا يقولون لهم من لا يريد امتلاك عمارة أو عزبة فعليه بالعمل في القرى، ليكسب دعوات الفقراء وهذه أعظم المكاسب، مضيفا أنه كان يسمع دعوات الغلابة والفقراء له بأذنيه، وكان يتحصن بها طيلة حياته.
وكانت كلمات الطبيب الراحل الأكثر تأثيرا (نشأت فقيرًا وساندويتش الفول والطعمية يكفيني، ولا أريد أن أرتدي ملابس بآلاف الجنيهات أو أستقل سيارة طولها “١٠” أمتار)،وعقب إعلان وفاته، دشن مغردو مواقع التواصل هاشتاغات عبروا فيها عن حزنهم الشديد وتأثرهم الكبير لرحيل حالة مصرية فريدة، تخصصت في الإيثار، ومساعدة الغير، وحب الخير، وإغاثة وخدمة الفقراء، مؤكدين أن الطبيب الراحل حالة نادرة لا تتكرر كثيرا، ولا يجود بمثلها الزمن إلا نادرا.
ونعى الدكتور ” أحمد الطيب” شيخ الأزهر، الطبيب الراحل وقال (رحم الله طبيب الغلابة الدكتور “محمد مشالي” وأسكنه فسيح جناته فقد ضرب المثل في الإنسانية، وعلم يقينًا أن الدنيا دار فناء فآثر مساندة الفقراء والمحتاجين والمرضى حتى في أخر أيام حياته، فاللهم اخلف عليه في دار الحق وأنزله منزلة النبيين والصديقين والشهداء)، يذكر أن الدكتور” محمد مشالي” قد نجح في أن يسجل اسمه بحروف من نور في قلوب المصريين بعد أن أفنى حياته في خدمة الفقراء ولفظ أنفاسه الأخيرة صباح يوم “٢٨”يوليو” ٢٠٢٠”إثر إصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية عن عمر يناهز “٦٧” عاما.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اسطورة رجل الثلوج.. ما بين الحقيقة والخيال

#الدولة_الآن تقرير: حنين صالح قد شاع لنا في بعض الدول الثلجية فكرة صنع رجل الجليد ...

youporn