مع دخول شهر رمضان الكريم وبدء ربات البيوت في التحضير إما بوضع الزينة، أو بشراء الياميش والطعام، نرى إقبالاً كبيراً أيضاً منهن على شراء عبائة رمضان كعادة من السيدات لاستقبال الشهر، فيرتدونها عند النزول إلى الأسواق، أو عن استقبال ضيوفهن، ولأدائهن صلاة التراويح في المساجد مع ارتدائها، فمن أين بدأت هذه العادة ولم ارتبطت العبائة السوداء بالمرأة المصرية وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتها اليومية؟
لم تكن العباءات النسائية من القطع المدرجة في قوائم الموضة النسائية كما هي اليوم، ولكنها كانت عبارة عن زياً تقليدياً يتكون من فستان طويل ذو أكمام متنوعة التصاميم، وكان أكثر من يرتدون هذه القطعة هم السيدات العربيات في البادية والأرياف والحواضر في بلاد الشام والعراق ومصر ودول الخليج العربي كجزء أصيل من العقيدة والعادات والتقاليد في تلك البلدان، وكان يطلق على هذا الزي اسم البرقع و النقاب والعباءة.
مع أهمية العباءة وأنتشارها إلا أنها لم تحظ بنصيب وافر من التدوين والأرشفة التاريخية ولم يتم تحديد تاريخ واضح لاكتشافها إلا أن بعض الباحثين يروا أن العباءات النسائية السوداء وجدت في خزانة المرأة العربية والحضارات المحيطة قبل “أربعة آلاف” عام، وجاء هذا الرأي من زي المرأة في بلاد ما بين النهرين حيث وجدت رسومات تدل على إرتداء المرأة في تلك الحقب أزياء بتصاميم طويلة وواسعة تتشابه في تصميمها مع العبايه ولكن لم يكن قد تم تسميتها في ذلك الحين بعد.
كما أكد بعض الباحثين أن من كانت ترتدي العباءة والحجاب في تلك الفترة يدل على أنها تعيش حياة مرفهة كونها كانت زيًا لمن لا تعمل أو من إحدى الأسر الثرية في البلاد، ومن هذا الأمر كان يتم التفريق بين فتيات العائلات الثرية وبين الفتيات الفقيرة من الطبقات الشعبية بارتداء العباءة أم لا.
وجاء التطور في شكل العباءة لتصل لتصميمها الحالي، بمجرد أن انتشرت تعاليم الدين الإسلامي في العالم العربي احتلت العباءة مكانة مهمة وأصبحت واحدة من القطع التي تعبر عن التقاليد الدينية، وبالاعتماد على هذا الاعتقاد كانت العباية أو العباة ذات دلائل عميقة كما أنها حصن منيع يصد العيون الفضولية والنفوس والآثمة، ومع الدخول في زمن التسعينيات أصبحت العباءة السوداء التقليدية واحدة من القطع الهامة والأساسية التي تعتمد عليها الكثير من السيدات في الوطن العربي وتم إضافة الكثير من التفاصيل المميزة إلى تصميماتها، وتم تطوير الأساليب والقصات الخاصة بها لتتناسب مع تطور الذائقة، مما جعلها مصدر اهتمام كبير من قبل سيدات العالم العربي.