منذ أكثر من مائتي عام قال المؤلف الكبير برنارد شو : “لا يوجد حب مخلص أكثر من حب الطعام ، فهو حبٌ لا يقارن بما تحمله الحقائب من أموال ، حب له مذاق خاص يتسلل إلى القلب ، ويجبر محبيه على تكرار المذاق أكثر من مرة ، فيمتلك القلب والمعدة معاً بطريقة يتوقف معها نشاط العقل” .
فهو بالنسبة لهم كالماء والهواء ، ويعد أحيانًا بديل عند عدد كبير من الشباب والفتيات عن هرمون الحب ، فالسلطات والمقبلات من الأطباق التى لا تخلو منها مائدة ويعد طبق البابا غنوج واحد من أشهر المقبلات ، التي لا يستطيع الكثير منا الاستغناء عن تناولها مع العديد من الأكلات المختلفة ، فهو يمثل بحق ملك المقبلات حيث يمكن تناوله بجانب الأسماك أو اللحوم ، أو الدجاج المشوي والكفتة وغيرها من الأطعمة المتنوعة .
وعندما بحثنا عن أصل حكاية هذا الطبق المحبوب لدى الجميع وجدنا أنه من أصل شامى وليس مصرى مثلما يتوقع الكثيرون.
يرجع سر تسمية البابا غنوج بهذا الاسم إلى قصة شهيرة ، لقس عاش في القرن الأول بعد الميلاد في بلاد الشام ، وكان يدعى البابا غنوج كان هذا القس محبوباً بين طلابه ورعاياه ، وفي يوم من الأيام أراد أحد طلابه تقديم هدية له ؛ تعبيرًا عن الحب والإعزاز فقام بطبخ وجبة له مكونة من الباذنجان والخضار .
ولكن القس رفض أن يتناولها بمفرده ، ودعا إليها الكثير من طلابه لكي يتناولوها معه ، فلما أكلوا منها أعجبوا كثيراً بمذاقها ، وأطلقوا عليها منذ ذلك الوقت اسم “بابا غنوج” نسبة للقس صاحب الدعوة ، وظلت تلك الأكلة تشتهر بهذا الاسم من وقتها حتى الآن ، ولكنها في لبنان تعرف باسم أخر وهو المتبل.
وبعدها انتشرت الأكلة على أنها “مزة” للتسالى خاصة فى اليونان. وتحولت “المزة” إلى طبق سلطة بعدما دخلت إلى مصر أيام الدولة العثمانية عن طريق اختلاطهم بالشوام فى مجالات مختلفة وأبرزها التجارة وبالتواصل سويا تبادلوا العديد من الأطباق الشهيرة بطابع كل منهم وكان من ضمن الأكلات التى تعرفنا عليها من خلالهم هى البابا غنوج، وإلى الآن تحتل مكانة كبيرة على موائد المصريين. ، ، فهو من الأطباق الهامة التي يتناولها الغني والفقير كلٍ على حدٍ سواء ، وهو عبارة عن باذنجان مشوي مقشر ومهروس ، مضاف إليه بعض الثوم مع الطحينة ورشة من البهارات والزيت .
البابا غنوج في مصر :
لم تكن التجارة معبرًا لنقل البضائع فقط بين البلدان ، بل تسببت في نقل الثقافات والحضارات بما تشمله من مأكل وملبس ، وبسبب اختلاط المصريين بالقوافل التجارية التي كانت تأتي من الشام ، تعرف المصريون على العديد من الأكلات الشامية وعلى رأسها البابا غنوج .
ولكن أضاف لها المصريين نكهتهم الخاصة ، فأصبح طبق البابا غنوج واحد من أهم أطباق فواتح الشهية ، التي أضاف لها المطبخ المصري البهارات والخضراوات والزيوت لتجعله ذو نكهة ومذاق خاص يميز المائدة المصرية عن غيرها من الموائد الشرقية والغربية .
طبق البابا غنوج على الطريقة المصرية :
يمكن إعداد هذا الطبق عن طريق جلب بعض المكونات ، وهي حبة من الباذنجان الرومي وكوب من الطحينة ، بالإضافة إلى ملعقتان كبيرتان من البقدونس المفروم ، معهم ملعقة صغيرة من الثوم المفروم وكمية بسيطة من عصير الليمون ، وملعقة صغيرة من الكمون ومثلها من الملح ، و يرش على الخليط ملعقة صغيرة من الشطّة .
ففي البداية نقوم بشي حبّة الباذنجان على نار هادئة حتى لا تحترق ، وبعدها نقوم بتقشير حبة الباذنجان وتنظيفها جيدًا ، ثم نبدأ بهرسها باستخدام الشوكة أو نضعها في الخلاط حسب الرغبة ، ثم نضيف الثوم والكمّون والملح وكوب الطحينة ، مع الشطة وعصير الليمون ، ونستمر في خلط المكونات حتى يصبح القوام ناعماً وسائلاً ، ثم نقدّم طبق الباذنجان اللذيذ.
طبق البابا غنوج على الطريقة اللبنانية :
يتم ذلك بإضافة بعض المكوّنات وهي حبة باذنجان مشوية ، و ربع كوب من الطحينة وثلاث ملاعق كبيرة من اللبن ، مع ملعقة صغيرة من الملح وملعقة من زيت الزيتون ، وملعقة من الخل.
ففي البداية نقوم بشي حبّة الباذنجان ، وبعد تمام النضج نقوم بهرسها وطحنها إلى أن تصبح ناعمةً ، ثم تضاف إليها الطحينة واللبن ، بالإضافة إلى كلّ من الخل والماء ، ثم نحرّك جميع المكوّنات المخلوطة بشكلٍ جيّد إلى أن تتجانس مع بعضها ، وأخيرًا نضع زيت الزيتون على الوجه ، ونتناول ألذ متبل لبناني .
للباباغنوج فوائد كثيرة لاحتوائه على العديد من الخضراوات حيث يحتوي الباذنجان على أحد أنواع المواد المضادة للأكسدة التي تحمي خلايا المخ من التلف والالتهابات البكتيرية. ويعد مصدراً مهماً للألياف ما يساعد على عدم الإصابة بالإمساك والتهاب القولون.
وأثبتت الدراسات أن الباذنجان غني بفيتامينات “ب” وبعض المعادن المهمة كالبوتاسيوم والنحاس والماغنسيوم والمنجنيز والفوسفور وحمض الفوليك ما يقلل خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية ويساعد في تخفيف الورم والنزيف والدوسنتاريا، كما يساعد البوتاسيوم الموجود في الباذنجان على ضبط نسبة الأملاح بالدم، إضافة إلى أنه يعمل على ترطيب الجسم.
وأيضاً يساهم في الوقاية من السمنة أو إزالتها، لأنه منخفض السعرات الحرارية، فكل مائة جرام منه تحتوي على 29 سعراً حرارية، كما يعيق الباذنجان انتقال الكوليسترول من المعدة إلي الشرايين، ويخفض من نسبة الدهون.
والباذنجان، غني ببعض المركبات المفيدة مثل الزنك والبوتاسيوم وأنسب طرق تناول الباذنجان لتحقيق أقصي استفادة هي أكله مسلوقاً أو شويه كما في الباباغنوج ومضافا إليه الملح والليمون ، أما إذا تم قليه في الزيت فإنه يحدث تحلل للمواد والعناصر المفيدة الموجودة به ويفقد قيمته الغذائية بشكلٍ كبيرٍ.
الفليفلة تنظم ضغط الدم، تقوي نبضات القلب، تخفض الكوليسترول، تنظف جهاز الدورة الدموية، تعالج القرحة، وتوقف النزف، تساعد على الهضم، كما أنها تخفف من آلام التهاب المفاصل والروماتيزم.
البصل ينقي الدم وينظم دورته ويدر البول ويزيل الأرق.
الثوم يحتوي على نسبة من فيتامين “سي” المقاوم للتأكسد وفيتامين “ب6” الذي يحمي القلب، إضافة إلى إحتوائه على بعض المعادن كالمنجنيز.
زيت الزيتون يعالج أمراض الأوعية الدموية، ارتفاع سكر الدم، أمراض الأزمة، وأمراض التهابات المفاصل الروماتيزمية.