عندما يمتزج الفن مع المشاعر “لوحة وحكاية “

كتبت /هدير الحسيني
المشهد الطبيعي يصير شيئا تتحرك فيه إنسانيتي، يحاورني ويعكس ما لدي (سيزان )
جملة الرسام (سيزان ) هذة الجملة تُعني أن المشهد الطبيعي بالنسبة له كان لابد أن يمس الإنسانية التي توجد بداخله ، لابد أن يتحاور مع المشهد بكل تفكيره ووجدانه وهذا التحاور يعكس ما لدي في رسمه للوحة فالمناظر الخلابة بالنسبة لسيزان وحدها لا تكفي بل يجب أن يشعر بأن هناك شئ ما يستحق أن يرسمه ويبحث سيزان في كل مرة عن النقطة التي يمكنه من خلالها بدأ اللوحة.

نحن قد تحدثنا في مقالاً سابق عن مدي إرتباطه وحبه بالطبيعة وعشقه ” لجبل سانت فكتوار ” وفي هذا المقال سوف نستكمل حديثنا عن جبل ” سانت فكتوار ” ونتعرف عن سبب تسميته بهذا الأسم .

رسم سيزان جبل “سانت فكتوار” في 44 لوحة زيتية و43 لوحة مائية، ولم يمل الفنان الدوران حوله، فكان يقوم برسمه أحياناً من خلال أشجار الزيتون أو مع أشجار الصنوبر أو يراقبه عن قرب في حديقة الشاتو نوار ، وهذا يُعني أن الإنسان عندما يكون شغوفاً بشئ لا يشعُر بالتعب أو الملل لأن حياتك في شغفك فأنكَ عندما تعمل في شئ وأنت شغوفاً بهِ بذلك لا تشعُر بوقتك أو جهدك ولا تنتظر المقابل لأنكَ شغوفاً بهِ إلي أقصي حد وبهذا الشغف لا تُمل ، لكنكَ من الممكن أن يُصيبك الإحباط واليأس يوماً ما وتبتعد أياماً ومن الممكن شهوراً بسبب الضغوطات التي تُحيط حولك وأفكاراً تدور بخاطرك وأوهاماً تشغل تفكيرك ولكن لا بد أن يستيقظ شغفك الذي بداخلك مرةً آخري ، لأنه لا يكون مجرد حلم لكي تصل بهِ إلي ما تريد إنما هو رؤيتك ورسالتك وهدفك ربما يكون حكاية تتحكي في حكايات الزمان.

ونعود للحديث عن “لوحة سيزان” وظهور الإستقرار علي الجبل الذي كان يميز الأشكال التي كانت ترسمها ضربات ريشته، لكنه يختلف عنها بتلك الأناقة الغرافيكية المغرورة التي يسبغها الفنان عليه، وبتلك الإناقة تدخله أحياناً بقوة إستثنائية في وحدة المشهد، كان يحب أن يرسمه كأغلب المناظر الطبيعية خالياً من أي مخلوق حي” .

وقد شهد الجبل حدث تاريخي قديم يعود لعام 102 قبل الميلاد كان الجبل علي بعد كيلوا مترات قليلة من مدينة “إيكس” وكان أثناء إحتفال الرومان بتغلبهم على البرابرة قاموا بإشعال النيران علي قمة هذا الجبل ، ويعود تسمية الجبل (فكتوار) بهذا الأسم تيمنا بالنصر الذي تحقق ، ولكن شهرة الجبل في الوقت الحالي لا تعود لهذا الحدث بقدر ما ترتبط بجمال الطبيعة في هذه المنطقة والتي ساهمت لوحات “بول سيزان” في إضفاء مكانة جمالية خاصة على مكانتها التاريخية فأصبحت مزارا سياحيا بإمتياز، ربما جعل سيزان من هذا الجبل أهم جبل في تاريخ الفن..