كتيت ايمان جابر
تركها زوجها مع ثلاثة من الأبناء، هربًا من ديونه التى تحاصره ليل نهار،
لكنها أثبتت أنها أقوى من كل الظروف بإرادتها وعزيمتها
، وقررت أن ترتدى عمامة الرجال وتعمل وسطهم فى رفع الأسمنت والحديد،
فى مهنة لا يقبل عليها الكثير من الرجال لصعوبتها ومخاطرها التي قد تقضي على حياتهم فى لحظات.
صباح أحمد على تبلغ من العمر 50 عامًا، تحول اسمها بمنطقة السنابسة التابعة لمركز الوقف إلى “صباح العتالة” لعملها فى مهنة لا تصلح إلا للرجال فقط، لكن ظروف الحياة أجبرتها على العمل فى هذه المهنة التى لن تبعدها عن قريتها و تجعلها قريبة من أولادها الصغار، فقد عملت فى هذه الممهنة الشاقة بداية من عام 2006 بعدما تركها زوجها العامل الأجرى وذهب إلى القاهرة هربًا من الديون التي حاصرته لعدم إجادته لأى عمل آخر مع ظروفه الصحية والعمرية.
والديون التى حاصرت زوجها لم تسقط بعد هجره للقرية، لكنها أصبحت معلقة فى رقبة زوجته التى كانت على قدر المسئولية و استطاعت من خلال مهنتها الشاقة أن تسدد ديون زوجها، و تتمكن من تدبير نفقات زواج نجلتها الكبرى، بالضغط على نفسها فى رفع كميات الحديد والأسمنت.
عملها فى رفع هذه المواد الثقيلة، فرض عليها سلوكيات ومهارات جديدة لابد أن تجيدها لكى تستطيع العمل وسط الرجال، فبدأت بلبس الجلباب و ربط العمامة على رأسها، و التظاهر بالقوة، حتى لا تكون مطمعًا لمن حولها من الرجال، وحتى تكون قادرة على إقناع صاحب العمل بقدرتها على إنجاز العمل الشاق المطلوب منها.
قالت صباح، عملت فى رفع الحديد والأسمنت منذ عام 2006 بعد ما حاصرت الديون زوجى ولم يجد أمامه أى عمل يعينه على تلبية احتياجاتنا المعيشية، فتركني مع أبنائى الثلاثة فى منزل قديم و ذهب إلى القاهرة هربًا من مطالبات الدائنين، ورفض من وقتها العودة مرة أخرى إلى القرية، لكن علاقته بنا لم تنقطع حتى الآن، فكان لزامًا على أن أبحث عن عمل لسد احتياجات أسرتى اليومية وسداد مع علينا من ديون.
تابعت صباح، ولم أجد فى القرية أى مهنة سوى العمل فى رفع الحديد والأسمنت مع الرجال” عتالة”، فلم أتردد رغم صعوبة ذلك واستنكار الكثير من الرجال لعمل فى هذه المهنة، لكن حاجة أولادى للمال ضرورية لتوفير احتياجاتهم اليومية، و قررت أن أتحدى كل الظروف ومن يومها وأنا أعمل فى هذه المهنة وهو ما جعلنى معروفة بين الجميع كونى السيدة الوحيدة التى تعمل فى هذه المهنة الشاقة.
وأضافت صباح، بعد فترة من العمل المتواصل تمكنت من سداد ديون زوجي ورعاية أبنائى، حتى وفقنى الله فى زواج ابنتى الكبرى، لكن ظروف الحياة وقسوتها تفرض على الاستمرار فى هذا العمل الشاق رغم محاولة أبنائى العمل باليومية فى أى مكان يطلب عمال أجريين.
وأشارت صباح، إلى أن يومية العمل فى ظل ارتفاع أسعار المعيشة تكفى بالكاد لسد احتياجات أسرة مكونة من 3 أفراد بعد زواج ابنتي، حيث أتقاضى 50 جنيه عن تحمل طن حديد على السيارة و 15 جنيه عن كل طن أسمنت، وهو عمل لا يتوافر بشكل يومى لكنه يخضع للعرض و الطلب، لكننى أكن دائمًا فى وضع الاستعداد لتحميل أى كميات مطلوبة حتى أعوض الأيام التى لا يوجد بها عمل.
وطالبت صباح، أن تشملها برامج الرعاية الاجتماعية، لتخفف عنها جزء من المعاناة التي تتكبدها وأولادها فى الأعمال الشاقة والتى لا يجدون غيرها فى المنطقة التى يعيشون بها، مضيفًة بأنه تم رفض طلبها فى التضامن لوجود زوجها على قيد الحياة لكن الحقيقة أنه هجرنا منذ 2006 دون توفير أى مصدر رزق لنا يعيننا على أعباء الحياة