تربية طفل يعرف ذاته لكي يفهم حياته
في الأسرة والمجتمع
766 زيارة
كتبت / هدير الحسيني
كثيراً ما نجد آباء وأمهات يسعون لتنمية أبنائهم دراسياً لكي يصبحون من فيهم دكتوراً أو مهندساً أو أى منصب يصبحون عليه الأبناء كما ترغب الآباء لأنهم يعتقدون بذلك أنهم يصنعون مستقبلهم ومراكز عليا من خلال شهادة أكاديمية ، وللأسف لا نسعى لتنمية مهارات الأبناء الشخصية والحياتية التى من خلالها سوف يصنعون أعظم الفرص والمناصب بمهاراتهم وبكفاءتهم العالية ويصبحون بذلك أشخاص مميزين وليس فقط أشخاص ذوى ألقاب (دكتور ، مهندس ) وأصحاب شهادات عليا لكنهم لا يستطيعون بناء شخصية قوية متزنة لديها القدرة على فهم ذاتها وهدفها فى الحياة ، لذلك سوف نعرض لكم فى أولى حلقاتنا من سلسلة مقالات( كيفية تنمية المهارات الحياتية لدى الطفل) ، ونتحدث الان عن كيفية تنمية المفهوم الذاتى لدى الطفل لانه عندما يفهم ذاته يفهم حياته .
يعرف المفهوم الذاتى بأنه انعكاس للصورة التى كونها الطفل عن نفسه من خلال تجاربه ورسائل الوالدين التى يرسلها الآباء والأمهات لأبنائهم ، فهذة الرسائل تُشكل عند الطفل معتقدات عن نفسه ، فالطفل الذى يسمع والديه مراراً وتكراراً يصفانه بأنه غبي فهذا يُشكل لدي الطفل مفهوم سلبي عن ذاته بأنه غبي بالفعل وهذا خطأ بالتأكيد ، فعلينا أن نتجنب الكلام السلبي تماماً وأن نُشكل مفهوم ذاتي إيجابى لدى أطفالنا لكي يصبحون أشخاصاً أسوياء ، وهذا يتم من خلال إشباع الإحتياجات النفسية لدي الطفل ولا سيما الحب والمدح والاعتبار والقبول ، كما يجب على الوالدين تخصيص وقت للأبناء للتحاور مع بعضهم البعض عن القيم الدينية والإجتماعية ، وأيضاً لابد على الوالدين التعبير عن حبهم لأبنائهم باللسان والسلوك الودود ، وكذلك علينا أن نُتيح لأبنائنا التعبير عن مشاعرهم سواء إذا كان بالفرح أو الحزن وأن نقف بجانبهم وقت الخوف أو الغضب ونتفهم مشاعرهم ونُشعرهم بأهميتنا إتجاه المشاعر التى يشعرون بها ولا نكبتها و علينا أن نرشدهم كيف يعبرون عن مشاعرهم وأرائهم ومتى وأين ؟ لأن هذا بالتأكيد يساعدهم على فهم ذاتهم ومشاعرهم جيداً ، كما يتوجب علينا أن ننصت جيداً لأفكار أبنائنا وبعناية شديدة لكى يشعرون بذاتهم وبأهمية أفكارهم كما يجب علينا أن نساعدهم على تنفيذ أفكارهم الإيجابية ليُشعرون بكيانهم وأنهم قادرين على الإبداع والإنجاز ولا يشعرون بأنهم على هامش الأسرة ، ويتوجب الحذر على الوالدين أن يعاملون أبنائهم بأنهم أطفال لا يفهمون ولا يدركون ولا يشعرون، بل علينا أن نُعامل أبنائنا بأنهم أشخاص ذو عقول ناضجة وواعية لديهم أهمية فأطفال اليوم هم شباب الغد ، ولكي يُكون الطفل مفهوم إيجابى عن ذاته لابد أن نقوم بغرس القيم والمعتقدات لديه ومن أهم القيم قيمة الإيمان بالله وقيمة الصلاة لديه بمفهوم القيمة وليس بمفهوم الصلاة بأنها عادة روتينية، بمعنى لا ينصب تركيز الوالدين على أداء الصلاة فقط بل لابد التركيز على مفهوم العقيدة الصحيحة حول الخالق سبحانه وتعالي لدي الطفل ، وحبذا أن نُكون هذة القيمة والمعتقد فى السنوات الأولي لدي الطفل وقبل سن البلوغ لزرع وغرس القيم والمعتقدات والسلوكيات الإسلامية الصحيحة ، وهذا هو منهج مربى الرحمة وأفضل الخلق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) فى تربية الصحابة حيث أهتم الرسول بالعقيدة أولاً ولم تعرض سلوكيات كثيرة على المسلمين خلال ثلاث السنوات الأولى من عصر الدعوة ، فبغرس قيمة الإيمان بالله والصلاة وغرس العقيدة الصحيحة حول الخالق عند الأطفال بطريقة صحيحة بذلك سوف يفهمون ذاتهم ونواياهم ويفهمون لماذا يؤدون الصلوات والعبادات، لأن كثيراً منا لا يفهم لماذا يقوم بالعبادات ويُسابق فى عمل الخيرات ؟
لا يفهم هل يقوم بها رياءً أم لأنه يعرف الله حق المعرفة ويؤمن بالله حق الإيمان، فبنشأة عقيدة سليمة لدي أبنائنا بالتأكيد تساعدهم على فهم ذاتهم ويشعرون بقيمة الإيمان بالله وعمل العبادات والخيرات خالص لوجه الله تعالي .
وأخيراً وليس آخراً بعد أن تحدثنا عن أهمية تنمية المفهوم الذاتي الإيجابى لدي الطفل واستعرضنا بعض الطرق الإيجابية لتُشكيل مفهوم الطفل عن ذاته ، علينا أيضاً أن نقوم بتنمية التقدير الذاتى لدي الطفل لأن النجاح فى الحياة يحتاج من كل شخص تقدير قيمة ذاته ليكون بذلك قادراً فعلياً على الإنجاز والنجاح وهذا سوف يتم معرفته فى الحلقة القادمة من سلسلةمقالات ( كيفية تنمية المهارات الحياتية لدى الأطفال ).
2018-09-26