من الذى يدفع الثمن الوالدين أم الأبناء أم المجتمع بأكملهِ
في الأسرة والمجتمع
1,041 زيارة
كتبت / هدير الحسينى
الطلاق من أكثر الظواهر المنتشرة فى مجتمعنا اليوم والطلاق هو أبغض الحلال عند الله لأنه يهدم الأسرة بل المجتمع بأسره ، فالطلاق لا يضر فقط الزوج والزوجة بل يضر الأبناء أيضاً ويتعرضون لكثير من المشاكل النفسية وهذة المشاكل تؤثر تأثيراً كبيراً على تصرفاتهم وأخلاقهم ، لفقدانهم الأمان وجو الأسرة الدافئ والحب بل أنهم يتعرضون لهذا وأكثر بسبب المشاكل التى تُقام بين والديهم فى المحاكم ويضعون طفلهم طرف فى المشكلة من أجل من الذى يتولى حضانة الطفل ، فكيف بعد كل هذا نرغب فى نشأة أبناء أسوياء لديهم مبادئ وقيم راسخة ، ونشأة نفس سوية قادرة على النهوض بنفسها ومجتمعها . والطلاق لا يكون فجأة بل يكون هناك مقدمات إلى أن يتم الطلاق رسمياً ، قد يبدأ الطلاق بأحساس اللازواج لأن الزواج يُعنى مودة ورحمة كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة﴾ً( سورة الروم ) وتندرج تحت المودة والرحمة كل المعانى الأنسانية بين الأزواج من حب وعطاء وتضحية ومشاركة كل طرف للآخر وإعانته على الحياة ، فالزواج أكبر بكثير من أنه ينحصر فى بناء منزل وتلبية إحتياجات الأسرة من النواحى المادية فقط ، فالأسرة هى مجتمعك الصغير الذى ترغب أن تراه كما تريد ، فإما أن تراه عادياً ، إما أن تراه ناجحاً ، إما أن تراه متميزاً وهذا يكون على حسب إستثمار وعلاقة كل طرف بالآخر فى البداية ثم يتسع هذا المجتمع بنشأة أبناء ويعكس إستثمار وعلاقة كل طرف بالآخر على نشأة الأبناء فإما أن تكون نشأة سوية ، إما تكون نشأة مذبذبة فى كل الجوانب الحياتية . ومع الأسف نجد الآن كثير من المجتمعات الأسرية قد تم إنهيارها وهدمها بالفعل وتذبذب أبناء بسبب الطلاق . ويرجع الطلاق لأسباب كثيرة ومنها الإفتقاد العاطفى بين الزوجين وعدم وجود الحوار البناء وعدم تعبير كل طرف عن مشاعره للطرف الآخر وعدم معرفة كل طرف الحقوق والواجبات إتجاه الطرف الآخر فهذا بالتأكيد يُنشأ فجوة بين الطرفين مما يؤدى بذلك للطلاق ، وقد يرجع الطلاق وكما أشارت الدراسات تأثير الظروف الاقتصادية التى طغت على الحياة الأسرية فأصبح الزوجين ينشغلان فى عملهم عن دورهم الأساسى فى أن يكونوا زوجان متحابان ونشأة أبناء أسوياء ، وأيضاً يرجع الطلاق بسبب خداع كل طرف للآخر أثناء فترة الخطوبة بشخصية زائفة وإنكشاف الغطاء الحقيقى للشخصية بعد شهر من الزواج فيتضح للطرفين أنهم غير متوافقين وغير متفاهمين فيحدث ما يسمى بالطلاق المبكر ، وأيضاً من الأسباب المؤدية للطلاق هو تدخل الأهالى فى المشاكل الزوجية فأن من الممكن أن تكون المشكلة بين الزوجين بسيطة للغاية ولكن بتدخل الأهالى وإنحياز الأهل تزداد المشكلة تعقيداً فيحدث الطلاق وغيرها كثيراً من الأسباب التى تؤدى للطلاق . والطلاق ينتج عنه أثار سلبية على كل من ( الزوجين ، والأبناء ، والمجتمع ) فالمطلق قد يصاب بالإكتئاب والإنعزال والإحباط ويزيد لديه أوهام كثيرة ، وأيضاً يزيد لديه الشك مما يجعله يفقد الإتزان بأحكامه . أما بالنسبة للمرأة المطلقة ونظرة المجتمع لها بأنها وصمة عار لما تحمله من لقب مطلقة وكأنها أرتكبت جريمة مما تزداد حالتها النفسية سوءاً وتشعر بالإحباط وخيبة أمل وإشعارها بالفشل فى بناء أسرة مستقرة ، وأيضاً تتعرض المطلقة إلى زيادة الأعباء المالية خاصةً وإذا كانت المرأة لا تعمل قبل الزواج وإذا كانت لا تسطيع أخذ حقها من نفقة ومؤخر فينخفض بذلك المستوى الإقتصادى لديها . أما عن الأبناء فهم الأكثر ضرراً ويتعرضون لكثير من الإضطرابات النفسية والاجتماعية بسبب إنهيار الأسرة وإشعارهم بعدم الأمان وفقد القيم والهوية والمعانى الإنسانية ، لأن الأسرة بالنسبة للطفل أساس كل شئ فى الحياة لأنه يكتسب من الوالدين كل شئ لكى يتعامل فى كل جوانب حياته بإتزان، ولكن عندما ينهار الأساس لا تنتظر إتزان الأعمدة ، لأن الطلاق يسبب للطفل الشعور بعدم الثقة بالنفس لشعوره بالنقص وعدم إشباعه عاطفياً ومعنوياً وبالأخص عندما ترفض الأم رؤية الوالد للطفل والعكس فهذا بالطبع يؤثر تأثيراً سلبياً على نفسيته ، وعند حديث الأم أو الأب بالأشياء السلبية عن كل طرف أمام الطفل فهنا يفقد الطفل القدوة ، ويؤثر الطلاق أيضاً على التحصيل الدراسي لدى الأبناء لفقدانهم التركيز والتفكير فيما يدور حولهم من المشاكل الأسرية ، وأيضاً يتأثر سلوك الطفل ويظهر عليه الكثير من الإضطرابات النفسية على سبيل المثال ( الإنفعال الزائد ، الأنانية ، العدوانية ، والخوف ) مما يشعر بعدم التكيف مع الوضع الجديد بعد حدوث الطلاق ، وإحساسه بفقد الإنتماء والهوية والقيمة التى كان يشعر بها فى الأسرة ، ومن الأثار السلبية التى تطرأ على المجتمع بسبب الطلاق عندما يحدث تفكك للأسرة يحدث أيضاً تشرد للأبناء بين الأب والأم ولأن مع غياب دور الأب وعدم اهتمام الأم يتجهون معظم الأبناء لسلوكيات غير سوية وهذا يحدث بسبب تعرضهم لصدمة ما حدث للأسرة ويصبحون بذلك فريسة لعالم أخر لإحساسهم بأن الحياة ليس لها معنى فيهربون لعالم أخر وهو عالم الإجرام فتكثر بذلك جرائم الأحداث ويزداد معدل الإنحراف وتكثُر أطفال الشوارع ، فيصبحون أفراد يشكلون خطراً على المجتمع بأكملهِ بدلاً أن يصبحون أفراد لديهم أدوار فعالة إيجابية للنهوض بمجتمعهم للأفضل . وبعد أن رأينا الأثار السلبية الناتجة عن الطلاق لذلك يجب على كل فرد قبل القدوم على مرحلة الزواج أن يدرك جيداً ما هو الزواج وما هى أهدافه من الزواج لبناء أسرة مستقرة فى المجتمع لأن إستقرار الأسرة أساس إستقرار المجتمع فبحسب نظرية ( النسق الإجتماعى ) والتى تشير أن الأسرة نسق فرعى داخل نسق أكبر وهو المجتمع فعندما يحدث تغير فى أحد أجزاء النسق سيؤدى إلى تغيرات فى الأجزاء الأخرى للنسق وأيضاً فى باقى أنساق المجتمع . لذلك علينا أن ندرك جيداً المفهوم الحقيقى للزواج والأسرة وأن يعرف كل طرف كيف سيتعامل مع الطرف الأخر وهذا يكون بمعرفتك لمنهجين أدق المعرفة وهما منهج ( القرآن والسنة ) لبناء أسرة سليمة سعيدة ومستقرة ،وإذا حدث الطلاق فيجب أن يتم كما أحل الله عز وجل كما قال الله تعالى (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان)”سورة البقرة”) لأنه إذا سار الطلاق فى غير ما شرعه الله عزوجل سيؤدى بالمجتمع للإنهيار .

2018-10-17