“اللغة العربية ” أصبحت غريبة فى دارها
في تحقيقات وحوارات
971 زيارة
كتبت : أسماء البردينى
أدت غلبة النطق العامي الدارج، للألفاظ العربية، بما يكثر فيها من ابتعاد عن الإعراب والنحو وأصول اللغة، ولأسباب شتى، إلى خلق انطباع “عامّي” هو الآخر، بأن ما نستخدمه من كلمات في حياتنا المعاصرة، ليس من الفصحى، في شيء. فيما تجري ألفاظ على ألسنة العرب، الآن، وتحسب في مفردات العامية، بينما هي من صميم الفصحى.
ويشار إلى أن الألفاظ الدارجة، في العالم العربي، هي في غالبيتها العظمى، عربية، وجميعها متّصلٌ، في شكل أو آخر، بأصله النحوي أو الفصيح، إنما مرّت عليه تغيّرات اللسان، واختلاف الزمان، والاختلاط، والتطور الحضاري، فتغيّر صرفه ولفظه ومبناه. إلا أنه بقي في النهاية، عربياً، ولغة للعرب يُتخاطَب بها.
لكن اللسان العربي، الآن، ينطق بألفاظ كثيرة فصحى، ضمن كمية كبيرة من ألفاظ عامية، اعتقِد، لوهلة، أنها عامية مثلها. بينما، وبالعودة إلى كتب اللغة والقواميس، يظهر أنها فصيحة تماماً، ويتم التواصل اللغوي، من خلالها، كما لو أن قائليها يتحدثون الفصحى، تماماً.
و من ضمن قائمة طويلة، بعض الكلمات الدارجة تجري على اللسان العربي، اعتقِد، خطأً، أنها عامية، فيما تثبت الكتب القديمة أنها من اللغة الفصحى، ولم يتأثر بناؤها الأصلي، بأي تغيّر، وتستخدم الآن، تماماً، مثلما جاء في المعاجم القديمة التي عرّفتها، وبالتفصيل.
شالَ السائلُ يديه: رفعهما يسأل بهما!
ولعل من أكثر المفردات التي تجري على اللسان العربي الآن، كلمة “شالَ” بمعنى الحمل والرفع. وتلفظ: “شال على كتفه” و”شال الكتب” والأم “شالت” طفلها، وتشيل وأشيل وشلتُ وشالوا. وهي من المفردات العربية الفصحى، والتي يستعملها العرب، الآن، بحسب مدلولها الحرْفي المعجمي.
ولعل كلمة “الشال” التي تستخدم الآن، وهي رداء للنساء يوضع على الكتفين، مشتقة من #شال، بقصد الرفع والمكان المرفوع. خصوصاً أن الفراهيدي قطع بأن كل ما هو مرتفعٌ فهو “شائلٌ”.
“عيّل”.. للولد مفرد عيال
وكلمة عيّل التي تقال في مصر، إشارة إلى الطفل الصغير أو الذي لم يبلغ سن الرشد بعد، هي فصيحة تماماً، وبلفظها الدارج دون أي تعديل.
أح.. تألُّماً!
ويستخدم كثير من العرب لفظ “آح” أو “أح” عند الإحساس بالألم، وغالباً تقال لدى الإحساس بألم البرد القارس، عندما يفرك الشخص يديه ويقول: “أح!” ويكررها مرات. وكلمة “أح” هذه، من صميم اللغة العربية الفصحى.
وتأتي في أقدم قواميس العربية “نحنحة وأحّ”.
أمّا لسان العرب، فيفصّل فيها، فيقول: أحَّ توجَّع.
الجراب.. الجوارب وأصل كلمة “شَراب” المصرية
ترد في عدد من البلدان العربية، كلمة “الجوارب” أو “الجراب” وهو ما يسمّى في مصر بـ”الشَّراب”،وهو ما يلبس في القدمين، ويسمى في لبنان “كلسات”. إلا أن كلمة الجراب الدارجة، بدت أنها الأصح، والأكثر فصاحة، تماماً. فلسان العرب يقول: “جربان الدرع والقميص: جيبُهُ”.
والجربان: جيبُ القميص. مضيفاً أن الألف والنون، في الكلمة، زائدتان. وجربان السيف: غمده.
أما القاموس المحيط، فيحدد أكثر، فيقول: الجورب لفافة الرجل، وجواربه وجوارب. ويتصرّف قائلاً: وتَجَورب، لبسه. أي لبس الجراب.
ويشار إلى أن كلمات كثيرة، في جميع اللهجات العربية الدارجة، ما زالت تحتفظ بذات المعنى واللفظ الذي كانت عليه في القواميس القديمة.
إلا أن غلبة اللفظ العامي، وما يعرف باللّحن، وفي جميع وجوهه، لغوياً ونحوياً، جعل البعض يظنون أن كثيراً مما نستخدمه من كلمات، عامي، فيما الحقيقة أن الأغلب من ما يجري على اللسان العربي، الآن، هو أقرب إلى اللغة العربية الفصحى، مع تغيّر يفترضه التطور والتغير والاختلاط، بتحريك الكلمة حين لفظها، أو بتغيير في بنائها. فيبتعد بعضها، جزئياً، عن أصله النحوي والمعجمي، إلا أنه لا يفقد الصلة به مطلقاً.
ومن ناحية آخرى فيجب استعادة لغة الضاد لمكانتها الصحيحة، يقول د. “عبدالمقصود باشا”: يجب أن ينبع احترامنا للغة الضاد من احترامنا لديننا الإسلامي، فيجب على كل عربي ومسلم أن يلتزم باللغة العربية في كلامه في مختلف تعاملاته اليومية؛ لأنها أساس الدين والحضارة الإسلامية، ومن يلتزم بها فإنما يعبر عن انتمائه، فكل شعوب العالم تعتز بلغتها وتتمسك بها وتتعصب لها، بل إن هناك دولاً فرضت عقوبات جنائية على أي مواطن لا يكتب بلغته الأم مثل فرنسا وألمانيا وغيرهما، ولذلك فنحن نطالب الأمة العربية والإسلامية بالمحافظة على اللغة العربية من أي ألفاظ أجنبية دخيلة أو أي تعبير غير عربي، لئلا يتسبب ذلك في تشويهها وإفسادها
اللغة العربية 2019-01-23