كيف تعرف أنك مصاب بالإكتئاب ؟!
في تحقيقات وحوارات
418 زيارة
الإكتئاب مرض و ليس حالة مزاجية
تحقيق : ياسمين عبيد
الشعور بالتقلبات المزاجية أمر طبيعي جدا و يحدث مع الكثيرين و لكن الشئ الغير طبيعي بالمرة أن يطلق مصطلح الإكتئاب علي كل شخص يشعر بالحزن أو تتغير مزاجيته للأسوء لفترة وجيزة و ذلك مع إستطاعته القيام بمهامه اليومية و تسير حياته علي ما يرام ، و لأن الإكتئاب هو مرض و يصنف من أخطر الأمراض عالميا حيث يعاني منه أكثر من “300 مليون ” شخصا علي مستوي العالم، كما يموت سنويا “800 ألف ” شخصا بالإنتحار و الذي صنف كسبب رئيسي للوفيات بين الفئة العمرية من “15” ل “29” عاما ، فمن هنا فلابد و أن يعرف الكثيرين أن الإكتئاب ليس مصطلحا عاديا يتم تداوله و كأنه شئ هين و يمكن التعامل معه بسهولة .
فمريض الإكتئاب مثله مثل مريض السكري أو أي مريض بأي داء آخر يحتاج إلي الرعاية و العرض علي الطبيب و تلقي العلاج ، فما هو مرض الإكتئاب ! و كيف يمكن التفريق بينه و بين نوبات الحزن العادية ! ، الإكتئاب هو إضطراب المزاج الذي يسبب شعور متواصل بالحزن و فقدان المتعة و الإهتمام بالأمور المعتادة ، و عادة ما يكون مصحوبا بالشعور بالذنب و عدم الأهمية و نقص تقدير الذات و يؤثر المرض علي المشاعر و التفكير بشكل سلبي و قد يسبب الشعور باليأس و يؤدي في أسوء حالاته إلي الإنتحار .
حيث يظهر الفارق بين الحزن و الإكتئاب في عدة أمور ، فعندما يصاب الشخص منا بمكروه ما كوفاة شخص عزيز عليه أو إنتهاء علاقة و غيرها من الأمور فمن الطبيعي أن يشعر بالحزن و لكنه قد يظن أنه أصيب بالإكتئاب ، و هذا لأن الحزن و الإكتئاب يتشابهان في بعض الخصائص مثل العبوس و العزلة و غيرها ، و لكن يمكن التفريق بينهما بأن الإكتئاب مصنف كحالة مرضية أما الحزن فهو رد فعل طبيعي تجاه الخسائر .
كما يفصلهما أيضا أن الشعور بالحزن يكون مؤقتا و يكون الشخص لا يزال قادرا علي الإستمتاع بأموره الأخري و يتطلع لمستقبل أفضل ، أما في حالة الإكتئاب فيكون الشعور بالحزن أمر إستمراري مع فقدان الشعور بالإستمتاع و التفكير في المستقبل بشكل سلبي ، و برغم كون الشخص حزينا لكنه لا يزال محتفظا بثقته في نفسه أما في حالات الإكتئاب فالشعور بالدونية أمر شائع جدا .
و في نفس السياق فتتنوع الأعراض التي يشعر بها مرضي الإكتئاب ما بين أعراض جسدية و نفسية و إجتماعية، فيغلبه الشعور بالحزن و اليأس و يداومه الشعور بالقلق و التوتر و دائما ما يجد صعوبة في التركيز و تتردد بداخله أفكار الموت و الإنتحار ، و تشمل الأعراض الجسدية صعوبة النوم و الشعور بالأرق أو النوم الزائد مع الشعور بالخمول و إنعدام النشاط و إنخفاض الشهية و نقصان الوزن أو زيادة الشهية و زيادة الوزن ، مع الصداع و آلام العضلات و إضطراب الأمعاء و يميل مريض الإكتئاب إلي العزلة و عدم الإهتمام بالواجبات و المهام اليومية و الإبتعاد عن الأهل و الأصدقاء.
مرض الإكتئاب هو مرض شائع جدا و مصاب به حوالي “300 مليون ” شخصا من مختلف الفئات العمرية و راح ضحيته الملايين ، و حتي إنه لم يسلم منه الأطباء النفسيين أيضا ، و من هؤلاء كان الطبيب النفسي المنتحر ” إبراهيم أحمد ” و الذي قفز من الطابق السابع ببرج سكني بمدينة دمنهور بالبحيرة، و سبق ذلك الطبيب أطباء آخرين أبرزهم الطبيب المغربي الذي ألقي بنفسه من الطابق السابع و الذي تتواجد به عيادته ، و كشفت إحدي الدراسات عن نسبة الإنتحار عند من يمارسون المهن الطبية بأنها تبلغ أعلاها عند الأطباء المتخصصين في التخدير ثم يحتل الأطباء النفسيين المركز الثالث.
حيث رصدت جريدة الدولة آراء بعض المختصين حيال تلك القضية، و ذكر الدكتور “جواد مبروكي ” الأخصائي النفسي أن منظمة الصحة العالمية قامت بتصنيف مرض الإكتئاب علي أنه مرض بيولوجي ، و ذلك لأنه يكون ناتج عن عدد من إختلالات الهرمونات في الدماغ .
و أضاف ” مبروكي ” أن مرض الإكتئاب لا علاقة له بالمعرفة الموروثة في ثقافتنا الشعبية ، و التي تصور الإكتئاب نوعا من الضعف في الإيمان أو ضعف الإرادة أو الشخصية، و إذا أخذنا بهذا الموروث فكأننا نقول للمصاب بداء السكري أنه ضعيف الشخصية أو معدوم الإيمان ! .
كما رصدت عدسة الجريدة آراء مجموعة من المواطنين حول مرض الإكتئاب، و ذكر المواطن “أ .خ ” أنه و في الفترة الأخيرة و مع ضعف مستويات المعيشة و الإنحدار الأخلاقي و إنصراف معظم الأهالي عن تربية أبناءهم ، فكان من الطبيعي أن ترتفع نسب الإكتئاب و خاصة بين المراهقين و أضاف أنه يمكن تصنيف الإكتئاب بأنه حاد أو طفيف من خلال الأعراض .
أشارت المواطنة “د ،و ” أن الأسباب التي من الممكن أن تؤدي بالشخص إلي مرض الإكتئاب تبدأ من شخصية المريض نفسه ، كأن يكون كثير القلق و يعاني من ضعف الشخصية أو بسبب الإصابة بأمراض خطيرة، أو بسبب ضغوط الحياة المستمرة في العمل أو التعرض للعنف و غيرها من الأمور .
و أضاف المواطن “م ، س” أنه تكمن علاقة وثيقة بين الإكتئاب و إدمان المخدرات، حيث أنه من الأسباب الرئيسية للإدمان هو الإكتئاب كما أن إدمان المخدرات ، يسبب مع الوقت تعرض صاحبه للإكتئاب و إن كان صحيحا .
إذا توقفنا عند الجزء الأهم هنا و هو كيفية علاج ذلك المرض ، فهناك عدة طرق لمعالجة الإكتئاب المعتدل و الحاد و قد يوفر مقدمي الرعاية الصحية طرق العلاج النفسي، مثل التحضير السلوكي و العلاج السلوكي المعرفي و العلاج النفسي بين الأشخاص، أو من خلال إستخدام الأدوية و التي تعرف بمضادات الإكتئاب .
و من جانبه فقد ثبتت فعالية العلاج النفسي في علاج الإكتئاب و يمكن أيضا الجمع بينه و بين العلاج الطبي ، و يكون من عانوا من أحداث حياتية صعبة هم أكثر عرضة للإكتئاب من غيرهم ، و الذي يمكن الوقاية منه بتعزيز الثقة في النفس و عدم الإستسلام للأفكار السلبية ، و قبل كل شئ الإعتماد علي الله عز وجل و الثقة بأنه قادر علي تحويل حياتنا للأفضل فإنه سبحانه علي كل شئ قدير.
2020-10-04