متابعة تريزا حشمت
تحت شعار “معا لوقف الحرب”.. وفي لحظة تاريخية فارقة يمر بها السودان الشقيق اجتمعت القوى السياسية والوطنية السودانية تحت مظلة واحدة برعاية مصرية في سعي لتهيئة المناخ المناسب للعمل على توحيد رؤى السودانيين وضمان عودة الأمن والاستقرار والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني.
استضافت مصر مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية في خطوة لبناء الثقة بين فرقاء يجلسون تحت سقف واحد لأول مرة وتأكيدا لقدرة الدولة المصرية على بذل أقصى الجهد لمواجهة تداعيات الأزمة السودانية.
وبحضور الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة بالإضافة إلى عدد من ممثلي الأطراف الإقليمية والدولية شهد المؤتمر العديد من المناقشات بين القوى السياسية والوطنية السودانية بهدف تحقيق التوافق لإنهاء الصراع.
3 قضايا رئيسية ناقشها مؤتمر القاهرة هي وقف الحرب، ومعالجة الأزمة الإنسانية والتوافق على المبادئ العامة لعملية سياسية تسعى لوقف الحرب بشكل نهائي ومخاطبة جذورها.
وأكدت جميع الأطراف على ضرورة الوقف الفورى للحرب بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات.
– الرئيس السيسي: تقديم كافة أوجه الدعم
الرئيس السيسي أكد أن الدولة المصرية تبذل أقصى الجهد لمواجهة تداعيات الأزمة السودانية، وذلك عبر تقديم كافة أوجه الدعم، بما يعكس خصوصية العلاقات المصرية السودانية، حيث تستمر مصر في إرسال عدد كبير من شحنات المساعدات الإنسانية للأشقاء في السودان، فضلا عن استضافة ملايين الأشقاء السودانيين بمصر.
وسياسيا، شدد الرئيس السيسي على ضرورة أن يتضمن الإنتقال للمسار السياسي للأزمة مشاركة كافة الأطراف، وفقا للمصلحة الوطنية السودانية دون غيرها، وأن يكون شعار “السودان أولا” هو المحرك لجميع الجهود الوطنية المخلصة.
وأكد الرئيس ضرورة أن ترتكز أية عملية سياسية ذات مصداقية، على احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، باعتبارها أساس وحدة وبناء واستقرار السودان وشعبه الشقيق، مؤكدا حرص مصر على التنسيق والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لحل الأزمة السودانية.
من جانبهم، رموز القوى السياسية والمدنية السودانية أعربوا عن تقديرهم وتثمنيهم البالغ للجهود المصرية المخلصة لدعم السودان منذ بدء الأزمة الراهنة، ما يجسد عمق الأواصر التي تجمع شعبي البلدين ووحدة التاريخ والمصير بينهما.
وأكدوا ترحيبهم بمساعي القيادة المصرية لتقريب وجهات نظر الأطراف السودانية للخروج من الأزمة الحالية، فضلا عن الدعم الذي تقدمه مصر لشعب السودان، سواء عبر سعيها الدؤوب لمعالجة الوضع الإنساني الكارثي الذي تعيشه مناطق واسعة في السودان، أو من خلال استضافتها الكريمة والطيبة، شعبا وحكومة، لأبناء الشعب السوداني في وطنهم الثاني مصر، بما يعكس العلاقات الأخوية الأزلية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين.
– وزير الخارجية: السودان في قلب كل مصري
بدوره قال السفير بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، إن مصر لن تتوقف عن بذل جهودها من أجل وقف الحرب في السودان.
وأضاف خلال كلمته في البيان الختامي للمؤتمر أن السودان في قلب كل مصري، داعيا المجتمع الدولي لدعم مخرجات مؤتمر القوى السياسية والوطنية السودانية.
ودعا السفير بدر عبد العاطي القوى السياسية والوطنية السودانية إلى مواصلة التشاور من أجل مصلحة السودان وشعبها.
– البيان الختامي
بحسب البيان الختامي للمؤتمر، فإن المجتمعون اتفقوا على المحافظة على السودان كأمة واحدة، والعمل معا من اجل الحرية وتحقيق آمال الشعب السوداني.
وأجمع المشاركون على المحافظة على السودان وطنا موحدا، على أسس المواطنة والحقوق المتساوية، والدولة المدنية الديمقراطية الفيدرالية.
ودعا البيان الختامى للمؤتمر إلى ضرورة الوقف الفوري للحرب بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات.
وأكد البيان أن المجتمعين اتفقوا على أن الحرب التي اجتاحت السودان وقتلت وشردت شعبها ومزقت نسيج البلاد الاجتماعى، صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023، لا تمثل فقط علامة فارقة ولكنها تاريخ جديد يلزم كل سوداني وسودانية بالنظر والمراجعة الدقيقة لمواقفنا كافة.
وأدان المشاركون كل الانتهاكات التى ارتكبت في هذه الحرب مؤكدين أن الحرب مؤشر حيوى للتفكير فى إعادة التأسيس الشامل للدولة السودانية على أسس العدالة والحرية والسلام، وهو الأمر الذى يتطلب قناعة كل السودانيين به.
وتوجه المشاركون بالدعوة والمناشدة إلى الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب بأي من أشكال الدعم المباشر وغير المباشر للتوقف عن إشعال المزيد من نيران الحرب في السودان.
كما دعا الحاضرون إلى حماية العاملين في المجال الإنساني وتجنيبهم التعرض للخطر والملاحقة والتعويق من قبل أطراف الحرب وفقا للقانون الدولي والإنساني، ومواصلة دعم جهود المجتمع المحلي والدولي للاستمرار في استقطاب الدعم من المانحين وضمان وصوله للمحتاجين.
وأكدوا أن اجتماع القاهرة يمثل فرصة قيمة إذ جمعت لأول مرة منذ الحرب الفرقاء المدنيين فى الساحة السياسية، كما جمعت طيفا مقدرا من الشخصيات الوطنية وممثلي المجتمع المدني توافقوا جميعا على العمل لوقف الحرب باعتبار أن ذلك هو سؤال سائر السودانيين ومطلبهم الأساس.
وتوافق المشاركون على تشكيل لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة هذا المجهود من أجل الوصول إلى سلام دائم.
– جهود مصر لإنهاء الأزمة في السودان
جهود كبيرة بذلتها الدولة المصرية من أجل بحث سبل إنهاء الأزمة الراهنة في السودان الشقيق، ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السوداني وأمن واستقرار المنطقة.
ومنذ اندلاع الأزمة في منتصف أبريل العام الماضي.. وقفت مصر على الحياد بين الطرفين وترجمت حيادها على أرض الواقع وعدم الانحياز لأى طرف على حساب الطرف الآخر.
وفي سعيها لحل الأزمة احتضنت القاهرة قمة دول جوار السودان في يوليو 2023 لبحث سبل إنهاء الصراع والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار.
وفى سبتمبر 2023 عقد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، بمقر البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة بنيويورك.
وفى نوفمبر 2023، احتضنت مصر، مؤتمر “القضايا الإنسانية في السودان 2023″، بحضور أكثر من 400 مشارك ممثلين عن قطاع كبير من منظمات المجتمع السوداني، وهو الاجتماع الذي عقد بعد أيام فقط من اجتماعات ائتلاف “قوى الحرية والتغيير” في السودان، التي أقيمت في القاهرة على مدى 3 أيام، وجرى خلالها التوافق على الدعوة إلى “توسيع مظلة القوى الداعمة لإيقاف الحرب في السودان”.
وفي مايو الماضي.. احتضنت القاهرة اجتماعات لكيانات وقوى سياسية سودانية لتوقيع وثيقة إدارة الفترة التأسيسية الانتقالية.