porno.com
الرئيسية » أخبار » الدكتور صالح البقري: جراح يعيد صياغة الأمل بين دقة المشرط وإرادة الشفاء

الدكتور صالح البقري: جراح يعيد صياغة الأمل بين دقة المشرط وإرادة الشفاء

#الدولة_الآن

كتب: هشام عامر

بين دقة المشرط الذي لا يعرف التردد، ونبل الرسالة التي تضع كرامة الإنسان وحركته فوق كل اعتبار، يبرز اسم الدكتور صالح البقري كواحد من رواد جراحة العظام والعمود الفقري الذين لم يكتفوا بمداواة الأجساد، بل تخصصوا في ترميم الأمل لدى الحالات الأكثر تعقيداً؛ وفي هذا الحوار الخاص لجريدة الدولة الآن، لا نستعرض مسيرة طبيب استشاري فحسب، بل نبحر في فلسفة جراح يرى في كل مريض قصة إنسانية تستحق القتال من أجلها، مجمعاً بين عبقرية التخطيط اليدوي وأحدث تقنيات العصر، ليضع بين أيدينا دستوراً مهنياً يوازن فيه بين الجرأة العلمية والأمان الطبي المطلق.

استهل الدكتور صالح البقري حديثه بالتعريف عن هويته المهنية التي تشكلت بين أروقة الجراحة الدقيقة، حيث قدم نفسه كاستشاري لجراحة العظام والعمود الفقري، متخصص في تصحيح التشوهات والحالات ذات الخطورة العصبية العالية، وحين سألناه عن سر اختياره لهذا الدرب تحديداً، أجاب بنبرة تمؤلها القناعة: “اخترت جراحة العظام لأنها تخصص يُعيد للإنسان الحركة والكرامة والاستقلال، ويمنح الطبيب فرصة حقيقية لتغيير مسار حياة المريض بالكامل”.

وانتقالاً إلى المحطات الفارقة في مسيرته، أكد الدكتور صالح أن بصمته المهنية لا تختزلها حالة واحدة، بل هي نتاج سلسلة طويلة من التحديات المعقدة لجميع الأعمار. واستذكر بوضوح حالة طفلة (12 عاماً) كادت تفقد قدرتها على المشي بسبب درن متقدم دمر فقراتها العنقية، حيث روى تفاصيل الملحمة قائلاً: “تم التعامل مع الحالة في يوم جراحي واحد استمر قرابة 8 ساعات، شمل ثلاث مراحل متتابعة من التنظيف والتثبيت الأمامي والخلفي، والنتيجة بفضل الله كانت عودة الطفلة للمشي بصورة طبيعية 100%”. كما أشار إلى نجاحاته مع كبار السن الذين يعانون من هشاشة مفرطة، حيث استطاع عبر تقنيات تثبيت مخصصة أن يضمن لهم حياة أكثر أماناً واستقلالاً.

وبالحديث عن المعادلة الصعبة بين المهارة اليدوية والذكاء التكنولوجي، أوضح البقري أن النجاح يكمن في “المزج الذكي” لا في الاعتماد المنفرد علي التكنولوجيا أو الخبرة اليدوية، مشدداً على أن التعامل مع الحالات المعقدة يعتمد على التخطيط الدقيق وفهم التشريح المرضي واتخاذ القرار الصحيح في توقيته. ويرى أن “التكنولوجيا أداة داعمة، لكن القرار والخبرة هما الأساس”، فالمشرط لا يتحرك إلا بوحي من رؤية جراح يدرك أبعاد كل خطوة.

وعن اللحظات التي يختبر فيها الجراح أقصى حدود قدراته، توقف الدكتور صالح عند حالة مريض مسن عانى من فشل جراحات سابقة وشلل رباعي، واصفاً إياها بأنها من أصعب ما واجه، وبكثير من الاعتزاز بتوفيق الله، شرح كيف استطاع تحويل هذا التحدي إلى نجاح عبر تطبيق أعلى المعايير العلمية والتعامل الحذر مع الأنسجة المتضررة رغم وجود السكري والالتهابات، مؤكداً أن “التخطيط الدقيق وتأمين العمود الفقري كانا طوق النجاة للمريض من تدهور محقق”.

وفيما يخص فلسفة التطوير في هذا العلم المتسارع، يرى الدكتور البقري أن المستقبل يتجه نحو “الطب المُخصص لكل مريض” (Personalized Medicine)، معتبراً أن تقليل التدخل الجراحي وتحسين بروتوكولات التأهيل هما المعيار الحقيقي للتطور. فبالنسبة له، “العملية الناجحة لا تنتهي بخياطة الجرح، بل تنتهي بعودة المريض لحياته الطبيعية”، وهي رؤية تجعل من جودة حياة المريض الهدف الأسمى للطب.

وبصفتة معلماً ينقل خبراته للأجيال الجديدة، وضع البقري “الأمان” كمعيار أول وأوحد للجراح الناجح، موجهاً نصيحة ذهبية تفرق بين الحرفة والرسالة بقوله: “الجراح الناجح ليس من يُجري أكبر عدد من العمليات، بل من يعرف متى يُجري العملية، ومتى يمتنع عنها”. فاحترام حدود الجراحة وتقديم مصلحة المريض هو الجوهر الذي لا يقبل المساومة.

واستكمالاً لرسائله التوجيهية، طالب الأطباء الشباب بعدم الاستعجال في النتائج، مشيراً إلى أن القدرة على قول “لا” للجراحة في بعض الأحيان هي قمة النضج المهني، وفي الوقت ذاته، وجه نصيحة حاسمة للمرضى بضرورة الالتزام ببرنامج التأهيل، معتبراً أن “الصبر جزء أساسي من العلاج” وأن المتابعة لا تقل أهمية عن براعة الجراحة نفسها.

وحول المنهجية التي يتبعها في مواجهة الحالات المعقدة التي قد يرفضها غيره، كشف الدكتور صالح عن ميزان دقيق يحكم قراراته، يبدأ بسؤال جوهري: “هل يمكن تقديم فائدة حقيقية وآمنة لهذا المريض؟”. فإذا كانت الإجابة نعم، فإنه لا يتردد في استخدام حلول غير تقليدية، مؤكداً أن “الجرأة بدون حساب مخاطرة، أما الجرأة المبنية على علم فهي واجب”.

أما عن رؤيته لمستقبل المهنة في ظل زحف الذكاء الاصطناعي، فقد كان حاسماً في تقديره لدور العنصر البشري، حيث يرى أن الروبوتات ستعزز الدقة وتقلل الأخطاء لكنها لن تسلب الجراح دوره القيادي. ففي نظره، سيبقى “القرار الطبي، وفهم الإنسان، وتقدير الألم والمخاطر” مسؤولية الطبيب وحدها، فالتكنولوجيا “تُعزز الجراح الجيد، لكنها لن تصنعه”.

وفي ختام حوارنا، لخص الدكتور صالح البقري فلسفته في رسالة طمأنينة وجهها لكل من يضع ثقته في علمه، مؤكداً للمريض: “أنت لست حالة في ملف، بل إنسان له قصة”، مشدداً على أن كل قرار طبي يتخذه سيكون مبنياً دائماً على مصلحة المريض القصوى، بعيداً عن بريق الشهرة أو عدد العمليات، واضعاً “الأمان والراحة” كعهد لا يحيد عنه.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

غلق عيادة علاج طبيعي غير مرخصة بقرية كرودس ضمن حملة موسّعة للرقابة على المنشآت الطبية

#الدولة_الآن  كتب : مختار شعبان انطلقت اليوم الثلاثاء حملة مكثفة من رئاسة المركز شملت عددًا ...

youporn